تدين المنظمات الحقوقية الموقعة على هذا البيان بأشد العبارات الاحتجاز التعسفي للمصور الصحفي”إسماعيل بوزريبة الزوي” منذ ما يزيد عن 20 شهرا، حيث ألقي القبض عليه في ديسمبر 2018 من قبل جهاز الأمن الداخلي في مدينة أجدابيا، ثم تم نقله إلى سجن عسكري في مدينة بنغازي بعد تفتيش هاتفه النقال والعثور على رسائل تحتوي على انتقادات للقيادة العامة للجيش الليبي في شرق ليبيا وعملية الكرامة العسكرية، و تم اتهامه بدعم الإرهاب والمجموعات الإرهابية. ولم يسمح للزوي بالاتصال بذويه و مقابلة محاميه، كما لم يتم عرضه علي النيابة طوال فترة الاعتقال.
و قد نما لعلم المنظمات الموقعة أن حكما بالسجن لمدة 15 عام قد صدر ضد الزوي في مايو الماضي، وذلك بتهم تتعلق بعمله الصحفي، من بينها التواصل مع قنوات فضائية تتهمها سلطات القيادة العامة في شرق ليبيا بدعم الإرهاب. ولم يتم إعلانه بالجلسة أو السماح له بالاستعانة بمحام، الأمر الذي يمثل انتهاكا صارخا لضمانات المحاكمة العدالة وتقييد لحرية التعبير.
وتتعارض محاكمة الصحفي ” الزوي ” مع المعايير الدولية التي تعتبر أن السماح بمقاضاة متهمين في قضايا الرأي والتعبير أمام محكمة عسكرية يشكل انتهاكا للحق في المحاكمة العادلة والضمانات القانونية وأنه لا يجوز قبول الأقوال التي يدلي بها المتهم أثناء استجوابه من جانب السلطات دون وجود محام كدليل يعتد به في المحكمة، كما أن سرية المحكمة قد شكلت انتهاكا لحق الصحفي المتهم في جلسة علنية حيث لم تقدم السلطات أسبابا محددة لإقصاء الجمهور عن جلسات المحاكمات.
كان ” الزوي” قد بدأ عمله الصحفي ونشاطه في المجال العام في أعقاب ثورة 17 فبراير ، وهو يشغل منصب رئيس مجلس إدارة النادي الليبي للثقافة والحوار ،وقد نشر العديد من التقارير الصحفية علي قناة أجدابيا الأرضية وعلي قناته الخاصة على يوتيوب.
وبناء عليه، تجدد المنظمات الحقوقية الموقعة على هذا البيان بالغ إدانتها واستنكارها لاستغلال مكافحة الإرهاب، وهي غاية مشروعة، في تكميم الأفواه ومصادرة الحقوق والحريات العامة التي كفلها الدستور و الاتفاقات الدولية الملزمة للدولة الليبية، وتطالب بما يلي :
- إطلاق سراح المصور الصحفي “إسماعيل الزوي” و إحالته إلي القضاء المدني، إذ أنه لم يشارك في أي أعمال عنف و لم يحمل السلاح، بل مارس حقه في التعبير فحسب.
- قيام السلطات التشريعية في ليبيا بإلغاء عقوبات السجن في جرائم النشر، والتي تستخدم لإسكات المنتقدين والمعارضين، ومراجعة وتنقيح قانون العقوبات وفقا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
- تعديل اختصاص المحاكم العسكرية وذلك بإلغاء ولايتها على المدنيين أو المتهمين العسكريين في قضايا الرأي والتعبير .
السياق القانوني:
القانون الحالي لمكافحة الإرهاب [3/2014] يحتوي على أحكام غامضة تُستخدم لاعتقال أي فرد لممارسته حقوقه في حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات، أو لقيامه بأي جناية عادية أو حتى جنحة. يستخدم قانون مكافحة الإرهاب تعريفًا واسعًا للغاية للعمل الإرهابي، فهو يتضمن الإضرار بالبيئة وحظر أو عرقلة عمل السلطات العامة أو الإدارات الحكومية أو الوحدات البلدية. وهذا يسمح باتهام الأشخاص الذين يتظاهرون أمام المرافق الحكومية أو تنظيم إضراب بالإرهاب، ما يشكل تهديدًا مباشرًا لحرية التعبير والتجمع السلمي. وتنص المادة 15 على عقوبة بالسجن من خمس إلى عشر سنوات “لكل من يقوم بالدعوة أو الدعاية أو الخداع لارتكاب عمل إرهابي، سواء بالقول أو الكتابة أو أي وسيلة أخرى للبث أو النشر أو الرسائل أو التفاعل عبر الإنترنت.”
علاوة على ذلك، منذ اعتماد القانون [4/2017] بشأن تعديل بعض أحكام قانون العقوبات العسكرية والقانون العسكري للإجراءات الجنائية من قبل مجلس النواب، تتم محاكمة جرائم الإرهاب بموجب ولاية المحكمة العسكرية التي لا تضمن حقوق الدفاع الكافية أو الإجراءات الواجبة، لا سيما في حالة الحرب وحالة الطوارئ. للمزيد: راجع تقرير اللجنة الدولية للحقوقيين، “المساءلة عن الجرائم الخطيرة بموجب القانون الدولي في ليبيا: تقييم لنظام العدالة الجنائية”، ص 91، (ديسمبر 2019). يمكن الوصول إليه هنا.
هذا بالإضافة إلى استمرار العمل بقانون الإرهاب رقم 3 لعام 2014 الذي يضع قيودًا عديدة على حرية التعبير والرقابة على المواقع الإلكترونية بصورة تجعل من ممارسة تلك الحقوق محفوفًا بمخاطر السجن لفترات طويلة. كما أن التوسع في مفهوم الجريمة الإرهابية يكشف الهدف الحقيقي وراء هذا القانون الذي يستهدف خنق ومصادرة كل أشكال المعارضة السياسية السلمية، وكل الأصوات المستقلة، وخاصة أصوات المدافعين عن حقوق الإنسان.
وبشكل عام، يسمح الكادر التشريعي في ليبيا بعقوبات سالبة للحرية في قضايا حرية التعبير، ويتضمن عقوبات قاسية تصل حد الإعدام. كما تمنح القوانين للسلطة التنفيذية وأذرعها الأمنية سلطة واسعة للتنكيل بالأشخاص وإقصاءهم طالما تبنوا أفكار تخالف السائد، أو تتعارض مع مرجعية دينية معينة، أو لا تحظى بتوافق المتوافق أصحاب القوة في النزاع، سواء السلطة الحاكمة أو المجموعات المسلحة.
وقد استمرت السلطات الليبية بالعمل بالقوانين الصادرة قبل 2015 والتي تتسم أغلبها بالتضييق على حرية التعبير، مثل قانون المطبوعات رقم 76 لسنة 1972، الذي وضع العديد من العراقيل أمام ممارسة حرية الصحافة والنشر. هذا بالإضافة إلى استمرار تطبيق المواد 178 و195 و205 و208 و245و 438 و439 من القانون الجنائي، والتي تشكل تقييد لحرية التعبير كونها تستخدم عبارات مطاطة مصطلحات فضفاضة غير منضبطة (مثل: الإهانة؛ خدش الاعتبار) بما يسّهل التوسع في تفسيرها على نحو يقضي تمامًا على حرية التعبير. ومن ثم قد يُفسر إبداء الرأي في الثورة أو نقد سلطات الدولة أو نقد تفاعل الشعب الليبي مع قضية معينة بعض القضايا باعتباره إهانة، ومعاقبة أصحابه بعقوبات سالبة للحرية.
صدر يوم 31 يوليو 2020
المنظمات الموقعة
- المنظمة الليبية للإعلام المستقل
- شبكة أصوات للإعلام
- المؤسسة الليبية للصحافة الاستقصائية
- المركز الليبي لحرية الصحافة