بمجرد استيلاء القذافي على السلطة بعد انقلاب 1969 ألغى الدستور الليبي وأصدر إعلانا دستوريًا ألغاه لاحقا، لتظل البلاد
بعدها بلا دستور طوال فترة حكمه، هذا بالإضافة إلى تعمده شل الحياة السياسية وغلق الأحزاب والمنظمات والجمعيات
ومؤسسات الصحافة الحرة وإخضاع جمي ع المؤسسات المستقلة لسيطرة الحكومة .
وخلال تلك الفترة، تحولت كل التشريعات الإعلامية لخدمة ”الثورة الليبية وقائدها” فبحسب الكتاب الأخضر في فصله الأول
أن ”الصحافة وسيلة تعبير للمجتمع وليست وسيلة تعبير لشخص طبيعي أو معنوي،.. ولا يجوز للفرد الطبيعي أي يملك وسيلة
نشر أو إعلام عامة،” وأن اللجان الشعبية التي تمثل الجماهير هي التي من شأنها أن تسّير المؤسسات الإعلامية. وقد كان ممثلو
تلك اللجان بالطبع من أنصار القذافي أو من أذرع الأجهزة الأمنية.
كما صنفت السلطات الليبية معظم المعلومات الحكومية وغير الحكومية أنها سرية، ومجرد الحصول عليها يعد مساسًا بالأمن
القومي، فخلقت نظم رقابية مشددة على المعلومات، وطبقت عقوبات قاسية في كثير من الأحيان على تداولها، وراقبت الانترنت،
وفرضت حظرًا على العديد من المواقع وخاصة مواقع المعارضة. أما المنع من الكتابة، والاعتقال الإداري، والفصل من العمل
فكانت أبرز الجرائم المرتكبة بحق الصحفيين في عهد نظام القذافي، علمًا بأن هذه الممارسات كانت قليلة بسبب خوف
الصحفيين ومهادنتهم للسلطة، وقلقهم المتصاعد من اللجان الشعبية وأعضائها.