الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الإعلاميين في ليبيا يعكس هشاشة إنفاذ القانون وانتشار الفساد والدولة الفاشلة

يقتل في ليبيا صحفي كل ثلاثة أشهر ويفلت القاتل من العقاب في أغلب الحالات

322

وجد المؤشر العالمي للإفلات من العقاب الذي أصدرته لجنة حماية الصحفيين في نهاية عام 2019 أن الإفلات من العقاب في قضايا قتل الصحفيين ظل راسخاً في أكثر من اثني عشر بلداً لم تكن ليبيا مشمولة في ذلك المؤشر، بما فيها بلدان تشهد نزاعات وبلدان ديمقراطية على حدٍ سواء. وألقى التقرير الضوء على البلدان التي يُقتل فيها الصحفيون بصفة منتظمة فيما يبقى القتلة أحراراً طلقاء.

وقتل خلال الأعوام الثمانية الماضية (2011 – 2019) قرابة 30 صحفيا ومدونا في ليبيا إما أثناء تغطيتهم للاشتباكات المسلحة أو  أثناء القيام بمهام خطيرة، مثل تغطية الاحتجاجات التي تتحول إلى أعمال عنف أو بسبب كتاباتهم وأعمالهم الصحفية أو تدويناتهم المنتقدة للأوضاع في ليبيا ، إذ يُقتل في ليبيا ما متوسطه صحفي واحد كل ثلاثة أشهر، ويفلت القاتل من العقاب في أغلب الحالات ولم تَصدُر السلطات إدانات ضد مرتكبي هذه الجرائم في معظم الحالات.

خلال العقد الماضي، تصدرت مدينة بنغازي ( 11) قائمة المدن التي حدث فيها قتل للصحفيين ثم درنة (7)  ثم سبها (3) ثم مصراتة (2)  ثم طرابلس (1) والقره بوللي  (1) والسبيعة (1)  والبريقة (1) وطريق غات _أوباري (1)

وبلغ عدد حالات الصحفيين الذين قتلوا أثناء تغطيتهم للاشتباكات المسلحة أو  أثناء القيام بمهام خطيرة ، مثل تغطية الاحتجاجات التي تتحول إلى أعمال عنف  11 حالة (37%) ، بينما كان عدد حالات الصحفيين الذين قتلوا بسبب أعمالهم الصحفية أو تدويناتهم 19 حالة . (63% )

وبذلك يكون المؤشر المتعلق بليبيا هو 2.8 لكل ميلون وهو أسوأ من مؤشر أسوأ دولة في مقياس لجنة حماية الصحفيين الذي كان 1.6 لكل مليون لدولة الصومال وأسوأ من سوريا الذي كان 1.3 لكل مليون .

وبذلك تعد ليبيا الدولة الأسوأ انتهاكا للإفلات من العقاب في العالم حيث تلجأ المجموعات المسلحة النظامية وغير النظامية والشبكات الإجرامية والسياسيون والمسؤولون الحكوميون والجهات الفاعلة القوية الأخرى إلى شن حملات تحريضية يعقبها عنف لإسكات الأصوات المنتقدة والإعلاميين الاستقصائيين وخاصة أولئك المهتمون بكشف انتهاكات حقوق الإنسان.

إن الإفلات من العقاب يؤدي الى مزيد من جرائم القتل كما أنه دليل على تفاقم الصراع وعلى هشاشة إنفاذ القانون والنظام القضائية وانتشار الفساد غير الخاضع للرقابة، والمؤسسات غير الفعالة، والافتقار إلى الإرادة السياسية لإجراء التحقيقات الفعالة والتحقيق فيها وملاحقة المسؤولين عنها.

وثقت المنظمة الليبية للإعلام المستقل 21 انتهاكا ضد حرية الرأي والتعبير منذ بداية عام 2020 ( 11 في طرابلس و8 في بنغازي و1 في درنة ة1 في سبها )  منها حالات تعرض فيها صحفيون للإخفاء القسري والتعذيب من قبل مجموعات مسلحة سواء تلك النظامية التي تتبع السلطات التنفيذية أو جماعات مسلحة غير نظامية . لم تحقق الحكومات المتعاقبة في أي قضية من الانتهاكات المرتكبة ضد الصحفيين والنشطاء والمدونيين ولم تعلن حتى إدانتها لتلك الانتهاكات.

أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 2 /نوفمبر اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الإعلاميين  في قرارها A/RES/68/163  الذي حث الدول الأعضاء على تنفيذ تدابير محددة لمواجهة ثقافة الإفلات من العقاب الحالي.

ويدين هذا القرار التاريخي جميع الهجمات والعنف ضد الاعلاميين والعاملين في المجال الإعلامي . ويحث أيضا الدول الأعضاء على بذل قصارى جهدها لمنع ذلك العنف ، وكفالة المساءلة، وتقديم مرتكبيه إلى العدالة، وضمان حصول الضحايا على سبل الإنصاف المناسبة. ويطلب كذلك من الدول أن تعمل على تهيئة بيئة آمنة لتمكين  الاعلاميين  من أداء  عملهم بصورة مستقلة.

التوصيات :

  • دعوة جميع المؤسسات المعنية إلى الإحاطة علماً بأن معظم جرائم القتل وغيرها من الإنتهاكات الخطيرة ضد الإعلاميين  التي ترتكبها قوات حكومية أو مجموعات مسلحة نظامية كانت او غير نظامية أو ميليشيات متطرفة ضد الإعلاميين  والمدافعين عن حقوق الإنسان قد نفذها أشخاص مجهولون؛
  • حث السلطات الليبية على إجراء تحقيقات فورية وجادة من أجل إيجاد آليات عملية وفعالة تنهي بشكل حاسم حالات الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة ضد الإعلاميين في ليبيا وتنهي حملات التحريض والكراهية ضد الإعلاميين والأصوات المنتقدة؛
  • مطالبة السلطات الليبية والجهات الأخرى ذات الصلة بالعمل بقوة من أجل محاسبة أولئك الذين ارتكبوا جرائم ضد الإعلاميين وأن لايظل مرتكبو هذه الانتهاكات مجهولين؛
  • مطالبة المجتمع الدولي ومحكمة الجنايات الدولية وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بتنفيذ وعودهم للبدء في التحقيق في الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين وجرائم التحريض وخطاب الكراهية وملاحقة المسؤولين عن هذه الجرائم والذين يتمتع عدد منهم بالإقامة في دول أوربية.
  • مطالبة السلطات الليبية باعتماد توصيات خطة عمل الأمم المتحدة بشأن سلامة الإعلاميين  ومسألة الإفلات من العقاب.
  • اتخاذ مزيد من الخطوات لحماية حرية التعبير وتوفير بيئة مواتية لوسائل الإعلام يمكنها من خلالها العمل بحرية، دون تمييز، ودون الخوف من الأعمال الانتقامية أو العقاب التعسفي.
  • إلغاء المواد 166و 171 و 174 و 176 و 177 و196 و 203 و204و 206 و207 من قانون العقوبات والتي تفرض عقوبات تصل إلى الإعدام على جرائم متعلقة بالتعبير السلمي عن الرأي، والتي تخالف الإعلان الدستوري والمواثيق الدولية الخاصة بحماية حرية الرأي والتعبير والتي وقعت عليها الدولة الليبية والتي تحمي حرية الرأي والتعبير.

المنظمة الليبية لللإعلام المستقل

4 نوفمبر 2020

مقالات ذات صلة